قاسم حجيج وحكايات الكرامة في أمثال جبل عامل

“تًهفى الفرس ولا يردّها بليق!”
يقول أهل منطقة جبل عامل لمن لا يُريدون منه مساعدة لخبثه وحقارة أصله: “تًهفى الفرس ولا يردّها بليق!”، للتأكيد على تمسكهم بالكرامة والاعتداد بالنفس، واستعدادهم لتحمل المصاعب طالما بقيت كرامتهم محفوظة.
بسؤال الأستاذ المؤرّخ قاسم حجيج، رئيس بلديّة دير انطار والسجل الحيّ للذاكرة الشعبية في المنطقة، عن أصل هذا المثل ومعانيه، أجاب:
“كان لأحد وجهاء بلدة شحور فرس أصيلة يُباهي بها بين أهل القرية والقرى المجاورة. عُرفت بجمالها وسلالتها، مما أثار طمع أحد وجهاء القرى الأخرى الذي حاول شراءها مقابل مبلغ خيالي. لكن مالك الفرس رفض بيعها، حتى أنه رفض أن يشبّيها حصانه صلصال. غضب الوجيه الآخر وقرر سرقتها، فأرسل أحد عبيده لتنفيذ المهمة. تسلل العبد إلى الإسطبل وساق الفرس بعيداً، لكن محاولته امتطائها أثارت صهيلها، مما أيقظ صاحبها.
هرع الرجل إلى الإسطبل ليكتشف اختفاء الفرس، فأصابته صدمة شديدة. أمر خادمه بمطاردة السارق باستخدام بغل أبيض يُدعى بليق. لكن عندما أدرك أن قصة استرداد فرسه قد تُحكى بأنها عادت بملاحقة بليق، صرخ قائلاً: تهفى الفرس ولا يردّها بليق!”.
وأضاف الأستاذ قاسم حجيج:
“إنّ الاعتداد بالنفس صفة متجذرة في ثقافة أهل المنطقة. هذه الخصلة تعكس الكرامة والأصالة، التي تُعد من أبرز القيم التي يتمسك بها العامليون. أهل جبل عامل يُعرفون بعزتهم وقوتهم، حتى أن صيتهم بلغ الآفاق باعتبارهم أصحاب بأس وشرف. ولذلك، لا يقبل ابن الأصل أن يُقال عنه يوماً إنّه استنجد بخسيس أو عميل، مهما كانت الظروف”.