قاسم حجيج وأسرار الأمثال القديمة في جبل عامل

“حاحيلهن يا قليطة، عسى الله ما يكونوا فطايس!”
كان أهل منطقة جبل عامل يستخدمون هذا المثل القديم لمن يرغبون في بثّ الأمل في نفسه وتشجيعه على التمسّك بالرجاء وعدم الاستسلام للواقع مهما كان صعباً.
عند سؤال الأستاذ قاسم حجيج، المؤرّخ ورئيس بلديّة دير انطار، عن أصل ومعنى هذا المثل، قال:
“تُحكى قصة عن امرأة قروية جمعت ست دجاجات من دجاجاتها في كيس خيش محكم الربط ونزلت إلى السوق لبيعها. بعد مسير طويل في الحر، وصلت المرأة وفتحت الكيس لتجد الدجاجات بلا حراك، متراكمة فوق بعضها البعض. حاولت تحريكهن وإبعادهن عن بعض لتتنفّس الدجاجات، لكن من دون جدوى. صارت تضرب كفاً على كف وتلطم وجهها في السوق لخيبتها، إذ كانت تنوي شراء حاجيات كثيرة بثمن الدجاجات. فجأة، تحرّكت إحدى الدجاجات وخرجت من الكيس تقاقي بصوت عالٍ. هنا استعادت المرأة الأمل وبدأت تصيح: ‘حاحيلهن يا قليطة، عسى الله ما يكونوا فطايس!'”
وأضاف الأستاذ قاسم:
“القليطة هي الدجاجة الصغيرة التي لا ذيل لها. الدجاج كان فيما مضى يشكّل جزءاً كبيراً من حياة المرأة، إذ استثمرت في لحمه وبيضه، بل وحتى في ريشه لصناعة الوسائد. وكان البيض في القرى معادلاً للنقد. كما كانت النساء يكلمْن دجاجاتهن وكأنهن صديقات، ويبتكرن لغة خاصة للتواصل معهن. وللدجاج أسماء مختلفة، مثل الرزية (الدجاجة السوداء المنقطة بنقاط بيضاء)، المسرولة (ذات الريش الكثيف على الأرجل)، والمزهّرة (الدجاجة ذات الألوان الزاهية).
الدجاج أيضاً كان وسيلة المرأة لإرضاء زوجها، حيث كانت تذبح له ديكاً وتطبخه على البرغل أو الحنطة كطريقة للاعتذار أو لتحفيزه على أمر ما. الذبح كان مقصوراً على الدجاج فقط، أما ذبح الحيوانات الأخرى فلم يكن يُسمح للمرأة القيام به”.