مقالات

حكاية مثل شعبي اخر

يردد أهل منطقة جبل عامل مثلاً شهيراً يقول: “اللي ما داق المغراية ما بيعرف شو الحكاية!”، ويصف هذا المثل حال الشّخص الحائر الذي يقوم بردّات فعل غير منطقيّة، والذي يعرف حقيقةً لا يعرفها غيره!

وبسؤال الأستاذ المؤرّخ الاستاذ قاسم حجيج رئيس بلديّة دير انطار، والسّجل الحيّ للذاكرة الشعبيّة لمنطقة جبل عامل عن هذا المثل ودلالاته، أجاب: “يُحكى أنّ نجّاراً متجولاً من أهل المنطقة كان يصلح الأبواب والنوافذ وجميع أنواع الطاولات والكراسي الخشبيّة مع ما يحمله في عربته من أدوات النجارة، وفي أحد المرّات وبعدما أنهى عمله لأحد الأشخاص في بلدة قريبة، طالبه النّجار بأجرة عمله، ففجأةً صاح صاحب الدّار بأعلى صوته: يا ديرة يا جيران هذا النّجار يحاول أن يعتدي عليّ وعلى زوجتي، فارتعب النّجار وقال: اتق الله يا رجل، فأنا لم أقربك، كلّ ما أريده هو أجرتي، وإن كنت لا تريد أن تعطيني، فأنا أسامحك بها، ولكن لا تفترِ عليّ، غير أنّ الرّجل تابع استغاثته بكلّ خبث، فما كان من النّجار إلا أن تناول طنجرة الغراء المغلي، وكان الغراء في تلك الأيّام يحتاج إلى غلي كي يسيل ويتمكّن النجار من دهنه على الخشب المطلوب تلحيمه، ورمى بعض ما فيها على وجه الرّجل، فاحترق وجهه وبدأ يصيح من الألم، فسارع الرّجل إلى لملمة عدّته والهرب، غير أنّ الرّجل صاحب الدّار جمع عشيرته ولاحقوا النّجار بغية الانتقام منه، وعندما حاصروا هذا المسكين، تسلّق شجرة عالية ليحتمي منهم، عندها اقترح الرّجل على عشيرته أن يرتقي كل شخص منهم أكتاف آخر إلى أن يصلوا إلى النجار، بينما يكون الرّجل المحروق في أسفل الشجرة، وبالفعل بدأ الشبّان يرتقون أكتاف بعض إلى أن شارفوا على الوصول إليه، عندها خطرت للنّجار فكرة جهنّمية، إذ صاح بالشخص المحروق بأعلى صوته، إنّ المغراية لا زالت بحوزته، وأنّه سيسقط ما تبقّى من الغراء المغلي على رأسه من أعلى، فما كان من الرجل المحروق إلا أن خاف وهرب تاركاً بقيّة أقرباءه يتساقطون أرضاً الواحد تلو الآخر بين جريح وكسير، وحين سألوه عن سبب هروبه أجابهم متألّماً: اللي ما داق المغراية ما بيعرف شو الحكاية!”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى