حافظ مخلوف وحكايات الجن في جبل عامل

“متل بسم الله الرحمن الرحيم!”
في جبل عامل، يُستخدم هذا القول الشعبي كبديل عن ذكر اسم الجن بشكل صريح، وذلك لاتقاء شرورهم ومنع حضورهم. الاعتقاد بوجود الجن وتأثيرهم متجذر في الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة.
عند سؤال الأستاذ قاسم حجيج، المؤرّخ ورئيس بلديّة دير انطار، عن أصل هذا القول وعمق الاعتقاد بوجود الجن في جبل عامل، أوضح:
“العامليون يؤمنون بوجود الجن بناءً على ذكرهم في القرآن الكريم وسورة الجن تحديداً. لكن العلماء والمراجع الدينية في المنطقة يؤكدون أن الجن لا يستطيعون التدخل في عالمنا أو السيطرة عليه، استناداً إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وروايات أهل البيت عليهم السلام. في التراث الشعبي، تجنّب الناس ذكر اسم الجن صراحة، واستعاضوا عن ذلك بالبسملة لدرء شرورهم ومنع حضورهم، إذ يعتقدون أنهم يظهرون بمجرد الحديث عنهم”.
وأضاف حجيج:
“هناك العديد من الحكايات عن الجن في جبل عامل. من بين أشهرها قصة السيد محمد الأمين، الذي كان يمتلك قرية الصوانة وقيل إنه تزوج من جنية، مما جعله فاحش الثراء. كذلك، هناك تل صخري في شقرا يُسمى ‘العريض’ أو ‘عريض الجماعة’، ويقال إنه مسكون بـ’العيعاطات’، وهن نساء الجن الشريرات اللواتي يصرخن باستمرار.
يروي المرحوم أسعد خليل من شقرا أنه مرّ بجانب العريض ذات يوم وسمع امرأة تناديه باسمه. لكنه تجاهلها ولم يرد، إذ كان يُعتقد أن من يجيب ‘العيعاطة’ قد يُمس أو يفقد عزيزاً عليه.
أما عن الجن الصالح، فتُروى قصص عن جنيات يظهرن في الليالي القمرية ولا يؤذين أحداً. هناك أيضاً جن الأطفال المعروف باسم ‘لا مساس’، وهو غير مؤذٍ ويظهر للأطفال للعب معهم. في المقابل، العفاريت هم أخطر أنواع الجن. إذا حضروا أو استحوذوا على شخص، فإنهم قد يُمرضونه، يُسيطرون عليه، أو يستخدمونه في أعمال شريرة”.