مقالات

تقدير النعمة وأصول الفروسية في جبل عامل

من الأمثال الشائعة في منطقة جبل عامل، مثل يقول: “إن دهرك إلك صان، ما تركب إلا حصان!”، وهو يُقال لمن أعطاه الدّهر القوّة والمكانة والمال، فعليه ألا يرضى من عيشته إلا بأحسنها، وألا يبخل ويقتر على نفسه وعلى عياله، لأنّ هذا يُعتبر منقصة في العقل والدّين.

وبسؤال الأستاذ المؤرّخ الاستاذ قاسم حجيج رئيس بلديّة دير انطار، والسّجل الحيّ للذاكرة الشعبيّة لمنطقة جبل عامل عن أصل هذا المثل، أجاب: “يقول الله تعالى: وأمّا بنعمة ربّك فحدّث، ومعنى الآية الكريمة أنّه يجب على المرء المُنعَم أن يُظهر نعمة الله عليه، فلا يجوز لمن أغناه الله أن يظهر بمظهر المعترّ، ولا يجوز للعالم أن يبدو أمام النّاس جاهلاً، ولا يجوز للقوي أن يتصرّف تصرّفات الضعفاء، فالنعمة ابتلاء من الله أيضاً، لينظر ما يصنع العبد بها، لذلك فإنّ المثل يترجم هذا القاعدة الإلهيّة، بحيث إذا دهرك إلك صان، ما تركب إلا حصان، يعني ذلك أنّه من المعيب إذا كنت من علية القوم، أن تتصرّف تصرّف السفهاء والسوقة”.

وأضاف الأستاذ الاستاذ قاسم حجيج أنّ إسقاط المثل على الخيول مردّه إلى اهتمام سكّان المنطقة بالخيول تمسّكاً منهم بالعادات العربيّة الأصيلة، فمن المعروف عن وجهاء أهل منطقة جبل عامل وعلمائهم أنّهم كانوا فيما مضى يركبون أفضل أنواع الخيول العربيّة، ويحرصون على اقتنائها وتربيتها، ويوجد حتّى اليوم أفضل أنساب الخيول العربيّة في هذه المنطقة، وكان العالم والوجيه والمختار إنّما يُعرفون من خيولهم المطهّمة الأصيلة، ويُحكى أنّ سيّداً من تبنين في أواخر القرن التاسع عشر اسمه أبو عبد الله، وهو عالم جليل وصل صيته إلى سوريا والعراق، وكان يمتطي فحلاً أبيض اللون يبلغ ارتفاعه عن الأرض حوالي المترين، وكان السيّد يمتطيه بحركة واحدة من غير مساعدة، وظلّ كذلك حتّى بلغ من العمر تسعين عاماً، علماً أن هذا الفحل كان حروناً لا يستطيع أحدٌ -فيما خلا السيّد- الاقتراب منه، أو إسراجه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى