قاسم حجيج وقصص الأمثال الجميلة

“جينا نتاجر بالكفان، بطلت النّاس تموت، جينا نتاجر بالحنّة، كترت الأحزان”
هذا المثل الشعبي الشائع في منطقة جبل عامل يُستخدم للدلالة على سوء الحظّ والتعاسة التي قد تُرافق شخصاً معيناً، بحيث تصبح جزءاً من شخصيته، ويُلحق هذا “النحس” ليس فقط به، بل بكل من حوله.
عند سؤال الأستاذ المؤرّخ قاسم حجيج عن أصل هذا المثل ومعانيه، قال:
“هذا المثل يعكس نوعاً من الكوميديا السوداء التي تصوّر الواقع المرير بشكل فكاهي. الحكاية تقول إنّ هناك شخصاً منحوساً قرر أن يبيع الأكفان، معتقداً أن الموت مستمر دائماً، لكن سوء حظه جعله يشهد فترة توقّف الناس عن الموت، وكأن الموت قرر التوقف نكاية به.
حينما أفلس تماماً بسبب هذا الوضع الغريب، قرر أن يتاجر بشيء يرتبط بالأفراح بدلاً من الأحزان، فاختار الحنّة، رفيقة الأعراس والمناسبات السعيدة، أملاً في تحسين حظه. لكنّ القدر عاكسه مجدداً، فتحوّلت المناطق من حوله إلى بيوت للأحزان والمآتم، مما أدى إلى كساد تجارته وإفلاسه مرة أخرى”.
التغيّر الثقافي والديني في النظرة إلى الحظّ
وأضاف الأستاذ حجيج:
“رغم طرافة هذا المثل، إلا أن الطيرة، بمعناها القديم كالنظرة السوداوية وعزو كلّ سوء إلى شخص أو مظاهر طبيعية، قد خفّت كثيراً في المنطقة بعد الصحوة الدينية.
مع انتشار التعليم وتعمق الناس في فهم العقيدة، أصبح الإيمان بأنّ كل شيء بيد الله هو الفكرة السائدة، وتمت محاربة فكرة النحس أو السعد. التعليم الديني الإلزامي ولو بحدّه الأدنى غيّر من طريقة تفكير الناس، حيث أدركوا أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، وليست مجرد سلسلة من الحظوظ الجيدة أو السيئة”.