مقالات

قاسم حجيج وحكايات الموروث الشعبي في جبل عامل

منطقة جبل عامل واحدة من أهمّ المناطق اللبنانيّة ذات الأثر الكبير على البيئات المحيطة، وكذلك على البيئات البعيدة، فعلماء جبل عامل جابوا بلاد الهند والسند وفارس وشمال أفريقيا ناشرين علومهم المشرقة كعلماء دين وشعراء ورحالة ونسّابة ومؤرّخين، وإنّ من أهمّ هؤلاء العلماء العامليين في زمان الحاضر الأستاذ المؤرّخ الاستاذ قاسم حجيج.

        هو شخصٌ مرجعيّ في كلّ ما يتعلّق بالذاكرة الشعبيّة لمنطقة جبل عامل، فهو الحافظ لكل السير والمرويّات الشعبيّة -غير المكتوبة- التي تروى من جيل إلى جيل، ولديه تصانيفه الخاصّة بكلّ ما يختصّ بتاريخ المنطقة، والمواقع الأثريّة فيها، وكذلك بالموروث الشعبي المتعلّق بالأمثال الشعبيّة، ولكل حادثة تاريخيّة، أو مثل شعبي لديه قصّة جميلة تاريخيّة يرويها لنا، فعندما سألناه عن معنى المثل الشعبي الشائع في منطقة جبل عامل: “ما بيلف عالساق غير الزربول!“، ضحك وقال: “هو مثل شعبي قد يُخطئ الكثيرون في فهمه، لكنّه يشير إلى أصالة أهالي منطقة جبل عامل، وتكافلهم وتضامنهم فيما بينهم كوحدة بشريّة متجانسة متفاهمة، لا تفرّقهم أحوال، ولا تشتتهم أهوال”.

        ويضيف الأستاذ قاسم حجيج: “هذا المثل هو ذات المثل الشائع في بلاد الشام عامّة، ما بيحن عالعود غير قشرو، ويعني أنّه لا يحسّ بألمك إلا من هو منك، أما الزربول فهو حذاء قديم كان يلبسه الرجال المقتدرون في أيام العثمانيين، وهو عبارة عن قطعة جلد مثقبة ولها رباط تُلف على الساق بحيث تُربط حولها لحمايتها، وله نعل جلدي، وفي أغلب الأحيان كانت الأصابع تبقى ظاهرة منه من أجل راحة القدم، طبعاً هذا الحذاء لم يعد موجوداً منذ أكثر من مائة عام”.

        ويُتابع المؤرّخ قاسم حجيج: “إنّ المثل يُضرب للدلالة على تعاضد وتكافل أهل البلد الواحد، وهذا ما يظهر بشكل جليّ في جبل عامل عموماً، وفي بلدتي دير انطار     خصوصاً، فلا أحد يُفرّق هنا بين مسلم ومسيحيّ، ولا أحد يهتمّ بمسألة الطوائف مطلقاً، فالكلّ في البلدة إخوان، ويساهمون معاً في نهضة وإعمار البلدة، وإذا حدث ووقع أحدهم في مشكلة ما، فالكلّ يسارع لنجدته بكلّ ما هو متوفّر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى