قاسم حجيج والكشف عن التقويم الفينيقي في معشوق

لعلّ من أهمّ النقاط المفصليّة في تاريخ منطقة جبل عامل كانت انتفاضة بنت جبيل عام 1936، في وجه الحكومة الفرنسيّة، وخاصّة أنّ الأجواء كانت مشحونة بالثورة ضدّ المستعمر الفرنسي والإنكليزي من العراق وحتّى فلسطين، وإنّه من الضروري الوقوف عند هذه الانتفاضة ومعرفة أسبابها ونتائجها لفهم واقع المنطقة العامليّة.
توجّهتا بالسؤال للمؤرّخ والباحث قاسم حجيج عن هذا الموضوع، فأفاد: “كانت الشبيبة العامليّة، قد شكّلت عصبة الأدب العاملي برئاسة كل من السادة الأدباء موسى الزين شرارة، عبد الحسين العبد الله، حسين مروة، هاشم الأمين، قد صنعوا لأنفسهم حيّزا اجتماعيّاً، وحصلوا على تأييد مشايخ النبطية كالشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر والشيخ علي الزين والأستاذ عارف الزين، وقد رفعوا شعار وحدة سوريا العربيّة في وجه فرنسا، وصادف في بداية العام 1936 صدور القرار بإنشاء شركة الريجي واحتكارها صناعة وتجارة التبغ والتنباك لمدّة 15 عاماً، مع ما لهذا الأمر من تكريس لفقر الفلاحين الذين يعتمدون على هذا المنتج الاستراتيجي في معيشتهم، وفي ليلة العاشر من المحرم وقّعت في منزل الحاج علي حسين بيضون عريضة موقّعة من الشبيبة وموجّهة للحكومة، تمّت مداهمة منزل علي بيضون، وصودرت العريضة، وأوقفوا الرّجل، فهبّ الأهالي، وهاجموا المخفر واخرجوا علي بيضون منه وأعادوه لمنزله”.
وأضاف الباحث قاسم حجيج: “وصلت قوّة فرنسيّة من مدينة صور قوامها 100 جندي ودركي، ولم يطلع فجر ذلك اليوم الا باعتقال جميع أعضاء الشبيبة، فهبّ النّاس ثانية وهاجموا المخفر غير عابئين بالقوّة الفرنسيّة التي بدأت بإطلاق النّار على الأهالي، فسقط الشهيد الأول مصطفى العشي وكان عريسا في مقتبل العمر، ثمّ سقط شهيدان آخران من عيناثا هما، عقيل الدعبول ومحمد الجمّال، واستمرّ الاستعصاء حتّى المساء، حيث تمّ نقل الموقوفين إلى صيدا ومنها إلى سجن الرمل، ,جرى تشييع مهيب للشهداء، وأُعلن الإضراب في جبل عامل من أقصاه إلى أقصاه، وأقيمت المهرجانات لذكراهم، كما تمّ اعتقال عادل عسيران والفرد ابو سمرا وسليم ابو جمرا فيما بعد، وعمّت الانتفاضة كامل الأراضي اللبنانيّة، وتطوّع أكثر من 30 محامياً للدفاع عن الموقوفين، مما أجبر السلطات الفرنسيّة على إطلاقهم بعد اسبوعين من توقيفهم.”